مرة أخرى، يضرب برنامج المنح الصغيرة، التابع لمرفق البيئة العالمية (GEF/SGP) المثل باعتباره نموذجاً في تعزيز المبادرات الملهمة لتحسين الظروف المعيشية في المجتمعات المحلية، من خلال تمكين الأفراد ليغيروا واقعهم بأنفسهم، وبناء جسور بين العمل المحلي والأثر العالمي، عبر مبادرات صغيرة، تصنع فرقاً كبيراً في مستقبل البيئة العالمية والتنمية المستدامة.
ووسط أجواء احتفالية مفعمة بروح التعاون، احتضنت جمعية «نهضة المنصورية» بمحافظة الجيزة فعالية مميزة نظمها مشروع «إدارة المعرفة والاتصال وتحفيز الابتكار»، الذي تنفذه جمعية كتاب البيئة والتنمية، بتمويل من برنامج المنح الصغيرة، وشهدت حضورًا رفيع المستوى من منظمات الأمم المتحدة، تقدمه السيدة تشيتوسي نوجوتشي، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر، وعدد من أعضاء المجلس التنفيذي لوكالات الأمم المتحدة، من داخل البلاد وخارجها.
جاءت الزيارة الأممية لتؤكد الدور الريادي الذي يقوم به برنامج المنح الصغيرة في دعم وتمكين منظمات المجتمع المدني المصري، وقد عبّر أعضاء الوفد الأممي عن إعجابهم بما شاهدوه من منتجات ومعروضات جسدت نتائج مشروعات تنموية نفذتها الجمعيات الأهلية، في إطار المرحلة السابعة من البرنامج، وأكد أعضاء الوفد أن التجارب المصرية في تنفيذ هذه المشروعات تمثل نموذجًا فريدًا للتنمية المحلية المستدامة، يعتمد على تمكين الفئات الهشة والمرأة والشباب، ويحقق في الوقت نفسه منافع بيئية عالمية.
ففي كلمتها، أعربت «نوجوتشي» عن تقديرها العميق لجهود المجتمع المدني المصري في تطوير مبادرات تنموية محلية، تتصدى لتحديات بيئية كبرى، وقالت إن برنامج المنح الصغيرة يمثل منصة رائدة لتجسيد مبادئ التنمية المستدامة على أرض الواقع، من خلال دعم مشروعات تعزز مشاركة المرأة في الاقتصاد الأخضر، وتشجع الشباب على الابتكار في مجالات الطاقة المتجددة، وإدارة الموارد الطبيعية، والحفاظ على التنوع البيولوجي.
من جانبه، أكد الدكتور عماد عدلي، المدير الوطني لبرنامج المنح الصغيرة في مصر، أن المرحلة السابعة من البرنامج امتدت لتشمل معظم محافظات الجمهورية، حاملة في طياتها مشروعات مجتمعية مبتكرة تعكس قدرة المواطنين على مواجهة التحديات المناخية والبيئية، وأوضح أن هذه المشروعات تتنوع بين تحويل المخلفات الزراعية إلى سماد عضوي، وتصنيع منتجات يدوية صديقة للبيئة، ومبادرات توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في المناطق الريفية، إضافة إلى برامج إدارة المخلفات البلاستيكية، والسياحة البيئية، والحفاظ على التنوع البيولوجي، وأشار إلى أن هذه المبادرات تجسد فلسفة البرنامج، التي تقوم على الربط بين الأثر المحلي والمردود العالمي، مؤكداً أن التمويل الصغير، حين يُدار بذكاء وتخطيط تشاركي، يمكن أن يُحدث تحولًا كبيرًا في واقع المجتمعات المحلية.
وفي كلمتها الترحيبية، تحدثت المهندسة إيناس عمر، رئيس جمعية «نهضة المنصورية»، عن تجربة الجمعية في تنفيذ مشروع توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية للحد من التغير المناخي، وأوضحت أن المشروع نجح في إنهاء معاناة الأهالي مع انقطاع الكهرباء، وحقق فوائد اقتصادية وبيئية ملموسة، إذ وفر طاقة نظيفة ومستدامة، وخفّض الانبعاثات الكربونية، فضلاً عن توفير فرص عمل جديدة للنساء والشباب في مجالات تركيب وصيانة الألواح الشمسية، وأضافت أن المشروع أصبح نموذجًا يحتذى به في القرى الريفية، التي تبحث عن حلول عملية لتحسين جودة الحياة، وتحقيق التنمية المستدامة دون المساس بالبيئة.
شارك في المعرض 12 مشروعاً من بين 27 مشروعاً يجري تنفيذها ضمن المرحلة السابعة لبرنامج المنح الصغيرة، تشمل مشروع «مجتمعات شبابية محلية مستدامة»، الذي تقوم بتنفيذه مؤسسة منتدى الحوار والمشاركة من أجل التنمية بمحافظتي القاهرة والإسكندرية، ومشروع «الإدارة المستدامة للمخلفات البلاستيكية والحد من تغير المناخ»، تنفيذ مؤسسة الرواد للمشروعات والتنمية في القاهرة، ومشروع «إدارة المعرفة والاتصال وتحفيز الابتكار»، تنفيذ جميعة كتاب البيئة والتنمية، التي تولت تنظيم المعرض، ومشروع «جرين وراق»، تنفيذ جمعية بيت على الصخر في الجيزة، ومشروع «توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية للحد من التغير المناخي»، تنفيذ جمعية نهضة المنصورية بالجيزة، والتي استضافت المعرض.
ومن الأقصر، شارك مشروع «تطبيقات الزراعة المتجددة لمواجهة آثار التغيرات المناخية»، تنفيذ الجمعية القبطية للرعاية الاجتماعية، ومشروع «توفير فرص كسب العيش بالتدريب على إعادة تدوير روث الخيول إلى سماد عضوي»، تنفيذ جمعية نور الإسلام الخيرية، ومشروع «قرية خضراء»، تنفيذ جمعية معاً للتنمية بأصفون، إضافة إلى مشروع «الإدارة المستدامة لمواردنا الطبيعية»، تنفيذ جمعية الشروق لتنمية المرأة الريفية بقنا.
ومن الفيوم، شارك مشروع «المركز التثقيفي بمحمية قارون»، تنفيذ جمعية بادر للتنمية المستدامة، ومشروع «فتيات النحل»، تنفيذ جمعية تنمية المجتمع بسنرو القبلية، ومشروع «نموذج أخضر للتحول البيئي لمواجهة التغيرات المناخية»، تنفيذ جمعية روح الحياة للتنمية والحوار، بالإضافة إلى مشروع «مبادرات إبداعية للتمكين البيئي والاقتصادي»، تنفيذ جمعية تنمية السياحة بدهشور، بمحافظة الجيزة، وهو أحد مشروعات المرحلة السادسة لبرنامج المنح الصغيرة في مصر.
وأكد أعضاء الوفد الأممي، خلال الزيارة، أن برنامج المنح الصغيرة يمثل تجربة فريدة في توظيف التمويل المحدود لإحداث أثر تنموي واسع، فعلى مدار أكثر من ثلاثة عقود في مصر، أسهم البرنامج في تمويل مئات المبادرات المجتمعية، التي أسهمت في تمكين المرأة والشباب، وتعزيز قدرة المجتمعات المحلية والمناطق الهشة على مواجهة آثار التغير المناخي، كما أكد المشاركون أن جميع هذه المشروعات تتقاطع عند نقطة واحدة، تتمثل في الاعتماد على الحلول المحلية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة الأهداف المتعلقة بالقضاء على الفقر، والمساواة بين الجنسين، والعمل المناخي، والحياة على البر وفي البحر.
واختُتمت الفعالية بتأكيد مشترك من ممثلي الأمم المتحدة والجمعيات الأهلية المشاركة على أهمية تعميم هذه النماذج الملهمة في محافظات أخرى، وتوسيع نطاق الشراكات بين برنامج المنح الصغيرة والجهات الوطنية، بما يعزز مكانة مصر كدولة رائدة في التنمية المحلية المستدامة، القائمة على المبادرات المجتمعية.