مجالات العمل

المياه الدولية هي أنظمة مائية عذبة (مثل الأنهار والبحيرات والمياه الجوفية) أو أنظمة مائية بحرية (كالمحيطات والبحار المغلقة وشبه المغلقة، والأراضي الرطبة وغيرها) تشترك في أحواضها دولتان أو أكثر. ومع ازدياد عدد سكان العالم وكثافتهم في مناطق متعددة، أثرت الأنشطة البشرية سلبًا على هذه الأنظمة المائية التي تعتمد عليها حياة مليارات البشر، وخاصة في الدول النامية.
تختلف كميات المياه العذبة المتاحة للاستخدام من منطقة إلى أخرى، إذ يعيش نحو 41% من سكان العالم في مناطق تعاني من شح المياه، ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 48% بحلول عام 2025.
ولا تقتصر المشكلة حاليًا على توفر المياه العذبة فحسب، بل تمتد أيضًا إلى جودتها، حيث يزداد تلوث المياه السطحية والجوفية في العديد من مناطق العالم. وتشير التقديرات إلى أن الأمراض الناتجة عن تلوث المياه تتسبب في وفاة نحو 3.5 مليون شخص سنويًا.
وقد وُضعت اتفاقيات وأنشئت منظمات إقليمية لتنظيم استخدام الموارد المائية المشتركة، وكانت هذه الاتفاقيات تاريخيًا تتناول قضايا مثل توزيع حصص المياه، وتنظيم الملاحة في الأنهار والبحيرات، والصيد، وبناء السدود والقناطر، وغيرها من وسائل إدارة المياه.
ومنذ نحو ربع قرن، أُعيدت مراجعة العديد من هذه الاتفاقيات أو أُضيفت إليها اتفاقيات جديدة لتشمل الأبعاد البيئية التي تهدف إلى حماية الموارد المائية المشتركة، وإدارة النظم البيئية في الأحواض المشتركة بطريقة تراعي الاعتبارات البيئية.
وفي مصر، يُعد نهر النيل المصدر الرئيسي للمياه العذبة. ويُغطّي حوض النيل — الذي تشترك فيه 10 دول — مساحة تبلغ نحو 2.9 مليون كيلومتر مربع، ويبلغ طوله حوالي 6000 كيلومتر. ويصل إجمالي تصريف النهر السنوي عند أسوان إلى نحو 84 مليار متر مكعب، وتبلغ حصة مصر من مياهه 55.5 مليار متر مكعب سنويًا، وفقًا لاتفاقية عام 1959 بين مصر والسودان.
كما تمتلك مصر موردًا مائيًا مشتركًا آخر، وهو المياه الجوفية في خزان الحجر الرملي النوبي، الذي يمتد من الصحراء الغربية في مصر إلى ليبيا وتشاد والسودان، ويغطي مساحة تقدر بنحو مليوني كيلومتر مربع. وقد قُدّر إجمالي المياه في هذا الخزان بنحو 75,000 كيلومتر مكعب، يُعتبر معظمها غير متجدد.
ويُقدر الحد الأقصى من المياه العذبة التي يمكن سحبها من الموارد الطبيعية في مصر بنحو 64 مليار متر مكعب سنويًا، وبذلك تكون حصة الفرد حوالي 980 مترًا مكعبًا في السنة، وهي أقل من مؤشر شح المياه عالميًا.
وعمومًا، تتعرض مياه النيل لتلوث متزايد، وأهم مصادره التلوث البكتيري الناتج عن تصريف مياه الصرف الصحي في النيل وفروعه بشكل مباشر أو غير مباشر، بالإضافة إلى مياه الصرف الزراعي وبعض التصريفات الصناعية. كما تعاني المياه الجوفية في بعض المناطق من التلوث والاستنزاف.
وفي إطار التعاون الدولي لحماية المياه الدولية، اتفقت دول حوض النيل على إطلاق مبادرة "حوض النيل" بدعم من مرفق البيئة العالمي (GEF). ويهدف المكون البيئي في هذه المبادرة إلى بناء الثقة وتعزيز التعاون بين الدول المعنية لحماية نوعية مياه النيل وتعزيز التنمية المستدامة في حوضه.
أما فيما يتعلق بالمياه البحرية الدولية، فيُقدّر أن نحو 60% من سكان العالم يعيشون في المناطق الساحلية أو بالقرب منها، وهي من أكثر مناطق البيئة البحرية تعرضًا للتهديد. فالمناطق الساحلية تتلقى تصريفات من الأنهار وأنظمة الصرف ومصادر أخرى قائمة على اليابسة، إضافة إلى تصريفات السفن والعمليات البحرية.
وقد تناولت الاتفاقيات الدولية والإقليمية بشكل رئيسي تنظيم استخدام البحار ومصايد الأسماك، لكن منذ سبعينيات القرن الماضي حظيت حماية البيئة البحرية والموارد الحية البحرية، خاصة في المناطق الساحلية، باهتمام متزايد. وتم منذ ذلك الحين وضع واعتماد عدة اتفاقيات وبرامج تخص البحار الإقليمية.
وفي مصر، تمتد المناطق الساحلية لمسافة نحو 2420 كيلومترًا، وتُعد مواقع حيوية للتنمية في مجالات الترفيه والسياحة ومصايد الأسماك والصناعة والتجارة الدولية. ومع ذلك، تعاني هذه المناطق من التدهور بسبب مصادر متعددة مثل النقل البحري، واستكشاف وإنتاج النفط والغاز الطبيعي من المناطق البحرية، وتصريف النفايات من مصادر برية مختلفة، وأعمال التجريف والردم الناتجة عن أنشطة البناء بالقرب من الشواطئ، بالإضافة إلى تسربات وتصريفات القوارب والمركبات والمرافق البحرية.
وتعمل مصر بالتعاون مع دول البحر المتوسط على تنفيذ اتفاقية برشلونة وبروتوكولاتها، التي تهدف إلى حماية البيئة البحرية في المنطقة. وتُنفذ حاليًا في مصر مشروعات كبرى بدعم من مرفق البيئة العالمي (GEF)، منها مشروع الأراضي الرطبة المصممة في بحيرة المنزلة، ومشروع حماية الأراضي الرطبة والمناطق الساحلية (MedWetCoast).
كما تتعاون مصر مع دول أخرى في تنفيذ خطة العمل لحماية بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، حيث نُفذ مشروع كبير ممول من مرفق البيئة العالمي لإدارة الموارد الساحلية والبحرية في البحر الأحمر. ويُعد برنامج العمل الاستراتيجي للبحر الأحمر وخليج عدن، الذي تنفذه الهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن (PERSGA)، من أهم المبادرات المدعومة أيضًا من مرفق البيئة العالمي.

 

 

 

لا توجد مشاريع للعرض